الأربعاء، 15 مارس 2017

زيارة الأمير محمد بن سلمان إلى واشنطن



تابعت عن كثب زيارة الأمير محمد بن سلمان ولي ولي العهد ووزير الدفاع السعودي أمس إلى واشنطن واجتماعه مع الرئيس دونالد ترامب في البيت الأبيض ولقاءاته الهامة مع كبار المسؤولين الأمريكيين. وهذه هي الزيارة الثالثة له إلى أميركا خلال مدة أقل من سنة، وتعتبر هذه الزيارة بشكل خاص غير مسبوقة من حيث حفاوة الاستقبال الواضحة والتعامل معه بنفس مراسم وبرتوكول رؤساء الدول رغم أنه يعتبر ترتيبه رسمياً المسؤول الثالث في القيادة السعودية، وهو أول زعيم عربي مسلم يلتقي بالرئيس ترامب الذي قرر تغيير جدول أعماله وتخصيص جزء هام من وقته للتفرغ لهذه الزيارة! مع العلم بأنه لم يسبق لأي رئيس أمريكي استقبال أي مسؤول من دولة أخرى أدنى من مرتبة رئيس أو ملك خلال فترة الأشهر الثلاثة الأولى بعد دخوله البيت الأبيض!

لقد كان الأمير محمد بن سلمان حريصاً على متابعته شخصياً لملف العلاقات الأمريكية/السعودية منذ أن تم تعيينه في مناصبه الحالية، وهو يقوم باستمرار بالتواصل مباشرة مع كبار المسؤولين الأمريكيين ورؤساء الشركات الأمريكية الكبرى، وتأتي زيارته هذه لإظهار تأثيره الواضح على السياسة السعودية في ما يتعلق بالعلاقة الوطيدة مع الولايات المتحدة الأمريكية، وتأتي أهمية هذه الزيارة بسبب تزامنها مع جولة الملك سلمان التاريخية في عدة دول آسيوية.

وتم التمهيد لهذه الزيارة والتخطيط لها مسبقاً بطريقة ذكية للغاية، فقد قامت المملكة العربية السعودية بالتعاقد مع عدة شركات علاقات عامة في أميركا لترويج صورة إيجابية لها وتعزيز سمعتها بطريقة لائقة أمام الرأي العام الأمريكي. وتم تغطية هذه الزيارة بصورة مكثفة عبر شبكات الإعلام الأمريكية بتنسيق مباشر من لجنة شؤون العلاقات العامة السعودية الأمريكية (SAPRAC) وهو لوبي ضغط سعودي تم الإعلان عنه السنة الماضية في أميركا وبدأ بتأسيس شبكة واسعة وقوية من العلاقات العامة في الولايات المتحدة الأمريكية لتحسين صورة السعودية في الدهاليز السياسية والحزبية الأمريكية. وقد قامت معظم الصحف الأمريكية بنشر مقالات خاصة عن هذه الزيارة بالإضافة للشبكات الإخبارية الأمريكية الرئيسية، ونشر مركز الخدمة المعلوماتية للعلاقات السعودية/الأمريكية (SUSRIS) معلومات تفصيلية حول هذه الزيارة.

تمتد العلاقات الأمريكية السعودية تاريخياً لأكثر من 70 سنة، ومن المتوقع أن تستمر هذه العلاقة الاستراتيجية الوطيدة رغم كل الإختلافات الثقافية والإيديولوجية بين البلدين، وحتى رغم الأحداث الإرهابية الخطيرة التي عصفت في أميركا وأوروبا والمنطقة العربية وتورط بها مواطنين سعوديين وكان لها تأثير سلبي هائل مثل هجمات سبتمبر الإرهابية، لكن تم تجاوز هذه التوترات بطريقة براغماتية بسبب المصالح الاستراتيجة المشتركة التي سوف تتواصل بعد عدة سنوات من الفتور والركود أثناء إدارة الرئيس السابق أوباما وتسببت بأزمة ثقة مزمنة وخلافات جوهرية بالرؤية والتوجهات السياسية بين البلدين في عدة ملفات إقليمية حساسة ومنها قضية فلسطين والوضع العسكري والأمني المتدهور في سورية والعراق واليمن وليبيا، والموقف الرسمي المتباين من الوضع في مصر، وملف إيران النووي والصراع على النفوذ والهيمنة في منطقة الشرق الأوسط بين السعودية وإيران التي تسعى لتعزيز توسعها الشيعي وزيادة تمددها الطائفي المتسارع في منطقة الشرق الأوسط ووصل غرباً إلى عدة دول عربية وإفريقية، وهذا سيزيد من التوتر إقليمياً ودولياً.

ورغم عدم وجود مؤشرات واضحة عن حلول سريعة للخلافات السعودية/الأمريكية في المدى المنظور إلا أنه من المرجح أن تتراجع حدة التوتر بين القيادة السعودية والإدارة الأمريكية الجديدة برئاسة دونالد ترامب نظراً للحاجة الماسة لكل منهما للآخر في قضايا مصيرية حاسمة وخاصة في المجالات العسكرية والأمنية والإقتصادية بالنظر لمكانة السعودية الكبرى وأهميتها ودورها المحوري بين الدول العربية والإسلامية وتأثيرها ضمن منظومة دول مجلس التعاون الخليجي، ومن المتوقع أن تؤسس هذه الزيارة الهامة لمرحلة تاريخية جديدة في العلاقات السعودية/الأمريكية المبنية على المصالح المشتركة.

مصادر خاصة في واشنطن تؤكد بأنه قد تم تسريع موعد هذه الزيارة المفاجئة وعقدها رغم تأثير العاصفة الثلجية التي ضربت الساحل الشرقي للولايات المتحدة الأمريكية بسبب تداعيات التدخل العسكري الأمريكي المباشر في سورية وحاجة إدارة الرئيس ترامب لدعم سياسي ومالي كبير من السعودية ودول الخليج العربي لجهودها في حربها ضد تنظيم داعش الإرهابي.

أكثر شيء لفت نظري أثناء زيارة الأمير محمد بن سلمان إلى واشنطن هو الوفد رفيع المستوى الذي يرافقه من كبار المسؤولين السعوديين ومنهم وزير الخارجية عادل الجبير الذي كان مع الملك سلمان في جولته الآسيوية ورجع من اليابان خصيصاً لهذه الزيارة إلى أميركا!!

محمد السمان
واشنطن


------------------------

رويترز

أكد البيت الأبيض أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب وصاحب السمو الملكي الامير محمد بن سلمان ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع ناقشا فرص تطوير برامج اقتصادية جديدة واستثمارات بين البلدين خلال اجتماعهما مساء الثلاثاء.

وقال البيت الأبيض في بيان إن ترامب أبدى خلال اجتماعه مع الأمير محمد دعمه لتطوير برنامج أميركي سعودي جديد يركز على الطاقة والصناعة والبنية التحتية والتكنولوجيا وينطوي على استثمارات قد تتجاوز قيمتها 200 مليار دولار في السنوات الأربع المقبلة.

واتفقا أيضا على مواصلة المشاورات في مجال الطاقة لدعم نمو الاقتصاد العالمي والحد من "تعطل الإمدادات وتقلبات السوق". واضاف البيت الأبيض أن الجانبان بحثا أهمية التصدي لأنشطة إيران المزعزعة لاستقرار المنطقة.

------------------------


***

للتواصل يمكن المراسلة على‎ ‎

mjsamman@gmail.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

شكرا على ملاحظتك، سيتم مراجعة تعليقك ونشره إن كان مناسباً لموضوع المقال المنشور.