الثلاثاء، 1 نوفمبر 2016

لماذا سيفوز دونالد ترامب بالإنتخابات الأمريكية؟!!


بعد أسبوع من الآن سيتجه الناخبين الأمريكيين إلى صناديق الاقتراع لانتخاب الرئيس المقبل للولايات المتحدة الأمريكية خلفاً للرئيس الفاشل التعيس باراك أوباما. وفيما يلي أهم الأسباب التي - برأيي الشخصي - ستساعد المرشح دونالد ترامب للفوز بمنصب الرئاسة ودخول البيت الأبيض من أوسع أبوابه.

هيلاري كلينتون عليها قضايا خطيرة تتعلق بمصداقيتها الشخصية، ومنها فضيحة حفظ إيميلات سرية حكومية على جهاز كومبيوتر شخصي لها في مسكنها الخاص وحصولها على أموال مشكوك بشرعيتها من دول متهمة بتمويل الإرهاب وقضايا فساد أخرى عديدة تتعلق بمؤسسة كلينتون الخيرية يتم التحقيق فيها.

هيلاري كلينتون غير مرغوبة من الناخبين الديمقراطيين من مؤيدي اليساري الاشتراكي بيرني ساندرز وخاصة بعد إنكشاف فضيحة أن الحزب الديمقراطي كان يؤيد سراً هيلاري بطريقة غير عادلة ضده وبسبب ذلك استقالت ديبي واسرمان شولتز رئيسة الحزب الديمقراطي.

وهناك انكشاف فضيحة جديدة تورطت بها دونا برازل الرئيسة المؤقتة للحزب الديمقراطي التي كانت تعمل مع قناة CNN وقامت بتسريب أسئلة إحدى المناظرات إلى هيلاري كلينتون حتى تتمكن مسبقاً من تحضير أجوبة عنها، وهذا يُعتبر غش وخداع وخيانة أمانة الأمر الذي إضطر تلك القناة الإخبارية لإصدار بيان رسمي بأنها قررت فصل تلك الإعلامية لمحاولة التنصل من تلك الفضيحة.

المرشح المستقل غاري جونسون سوف يستقطب أصوات الكثيرين من الديمقراطيين الليبراليين المستقلين الذين لن يصوتوا لهيلاري كلينتون، ولذلك نلاحظ أن كلينتون كانت تركز في خطاباتها على تشجيع الناخبين للتصويت لها بدلاً عن المرشح ذلك المستقل.

نتائج استطلاعات الرأي "المُضللة" التي تنشرها يومياً شبكات الأخبار ذات التوجهات اليسارية الليبرالية زادت من مشاعر الغطرسة والعجرفة وضخمت الغرور والثقة الزائدة بالنفس لدى الديمقراطيين بأن فوز هيلاري كلينتون بمنصب الرئاسة هو نتيجة مضمونة مسبقاً لأن دونالد ترامب ضعيف حزبياً ومجهول جماهيرياً ومنبوذ إعلامياً وهذا سيجعل الكثير من الناخبين المؤيدين لهيلاري كلينتون يتكاسلون عن الخروج من منازلهم في الصباح الباكر والوقوف في طوابير طويلة للتصويت لها في  يوم 8 نوفمبر الذي يعتبر بداية فصل الشتاء البارد في أميركا وموسم انتشار مرض الانفلونزا وخاصة في الولايات الشمالية.

هناك الكثير من الديمقراطيين الذين يشعرون باليأس والإحباط من فضائح ومشاكل هيلاري كلينتون ولن يذهبوا للتصويت لها أصلاً وهذا سيعطي أفضلية كبيرة لدونالد ترامب بالانتخابات الرئاسية.

الناخبون من أصل إفريقي ولاتيني وأسيوي والمثليين جنسياً واليهود غالبيتهم مؤيدين عموماً للحزب الديمقراطي لكنهم ليس بالضرورة مؤيدين لهيلاري كلينتون وهم عموماُ منقسمون على أنفسهم وليس لهم رأي موحد حالياُ.

العرب والمسلمون في أميركا منقسمون بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي وليس لهم تأثير فعلي مؤثر بالإنتخابات الرئاسية الأمريكية.

التيار النسائي منقسم بشدة تجاه هيلاري كلينتون ولا يثقون بها ولن يصوتوا لها فقط لأنها إمرأة مثلهم.

انتشرت أخبار بأن هيلاري كلينتون ضعيفة صحياً وهي تعاني من مرض عصبي مزمن قد يكون "باركنسون" أو "ألزهايمر" وقد بدأت الأعراض تظهر عليها بوضوح.

الطلاب الجامعيين وفئة الشباب عموماً هم ديمقراطيين بسبب توجهاتهم الليبرالية اليسارية لكنهم ليس بالضرورة مؤيدين لهيلاري كلينتون التي يرون أنها متلونة في تصريحاتها وسياساتها وغير جديرة بالثقة.

التوزيع الجغرافي للأقليات في أميركا المؤيدين لهيلاري كلينتون لن يساعدها عملياً على جمع أصوات المُجمع الإنتخابي في ولايات كبيرة سكانياً يهيمين عليها المحافظون المتشددون الذين سيكون لهم تأثير قوي ومضاعف على نتيجة الإنتخابات الرئاسية.

الأقليات المؤيدين لهيلاري كلينتون عموماً متواجدين في ولايات ليس لها ثقل إنتخابي مؤثر عددياً حسب نظام المُجمع الإنتخابي.

تورطت هيلاري كلينتون بإهانة مؤيدين دونالد ترامب بطريقة غير لائقة ووصفتهم بأنهم "منبوذين" و"ليس لهم قيمة" وهذا أثار عاصفة من الاستهجان ضدها وجعل الكثير من المستقلين والمترددين منهم يقررون عدم التصويت لها بسبب استحقارها  واساءتها لفئة كبيرة من المواطنين الأمريكيين.

يركز دونالد ترامب في حملته الانتخابية على التأثير الحاسم من "ولايات الحزام الصديء" وهي الولايات الأمريكية الستة في شمال الغرب الأوسط وهي: ويسكونسن وإلينويز وإنديانا وميتشيغان وأوهايو وبنسلفانيا. هذه الولايات كانت مزدهرة إقتصادياً في الثمانينات بسبب إنتشار المعامل فيها وخاصة مصانع السيارات التي كان يعمل فيها عشرات الآلاف وتأثرت سلباً بإتفاقيات التجارة الحرة وخاصة (نافتا) التي تسببت بانتقال معظم تلك المصانع إلى كندا والمكسيك للاستفادة من الميزات الضريبية فيها ورخص أجور العمالة هناك وأيضاً التخلص من مشاكل النقابات العمالية القوية التي كانت تهيمن على تلك المصانع الأمريكية، الأمر الذي أدى لتسريح الآلاف من العمال والموظفين الأمريكيين في تلك الولايات التي تحولت إلى أماكن تجميع خردة حديد المصانع التي أفلست وأقفلت أبوابها. دونالد ترامب يركز في حملته الإنتخابية على تلك الولايات التي كانت تعتبر تقليديا مؤيدة للحزب الديمقراطي وهو يحاول الآن إقناع الناخبين فيها للتصويت له لإنقاذهم من حالة الإقتصاد المتدهور والفقر المدقع التي يعانون منها لسنوات طويلة. وستكون هذه الولايات فعلياً هي أساس نجاح ترامب بالانتخابات الرئاسية. على عكس منافسته هيلاري كلينتون التي لم تنتبه لحالة السخط الشعبي الواسع المنتشر في تلك الولايات التي تأثرت بشدة بسبب إتفاقية نافتا التي وقعها زوجها بيل كلينتون عندما كان رئيساً.

استطلاعات الرأي بدأت تُظهر بوضوح تراجع متسارع لشعبية هيلاري كلينتون أمام دونالد ترامب لأنها تمثل امتداداً لحقبة أوباما الكئيبة الذي خيب آمال الأمريكيين بسبب سياساته المتذبذة الفاشلة وقراراته التعيسة وخاصة في السياسة الخارجية وتقاربه مع الإيرانيين وتوقيعه إتفاق إيران النووي المشبوه.

دونالد ترامب يمثل للناخبين الأمريكيين المبدأ الإمبريالي الرأسمالي والحلم الأمريكي كونه رجل أعمال ناجح ومشهور وفاحش الثراء، وهذا المفهوم البرجوازي يلقى رواجاً كبيراً في أميركا وخاصة بعد الأزمات الإقتصادية الطاحنة.

يعتمد دونالد ترامب في حملته الانتخابية على دعم وتأييد تيارات جماهيرية شعبوية ولوبيات قوية وجماعات الضغط والتأثير والمصالح الخاصة ومنها:
- اللوبي الديني المسيحي المتصهين (الانجيليين) Evangelical الذين يرون فيه شخصاً مسيحياً محافظاً مؤيداً لمعتقداتهم الدينية التقليدية المتشددة في قضايا كثيرة مثل رفض زواج الشاذين جنسياً والمثليين وعمليات الاجهاض والهجرة وغيرها.
- اللوبي اليهودي/الصهيوني في أميركا الذي يطالب بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس المحتلة، والاعتراف بضم هضبة الجولان السوري المحتل للكيان الصهيوني، والتصدي لحركة حماس التي أعلنت ولاؤها المطلق لجماعة الإخوان المسلمين وقامت بمبايعة جماعية للمرشد أثناء حشد جماهيري في قطاع غزة بداية شهر مارس 2012، وتنفيذ صفقة القرن بإعادة توطين الفلسطينيين في وطن بديل لهم، وإطلاق سراح جواسيس إسرائيليين، وتفعيل التعاون الأمني الأمريكي مع إسرائيل، وزيادة المساعدات المالية، وتقديم أسلحة حديثة ومتطورة للكيان الإسرائيلي، وإلغاء الاتفاق النووي الإيراني الذي يهدد بشكل مباشر الأمن القومي الإسرائيلي.
- لوبي المائدة المستديرة Business Roundtable الذي تأسس سنة 1972 مقره في العاصمة واشنطن ويمثل مصالح تجارية هائلة لمجموعة ضخمة من الشركات الأمريكية الكبيرة التي رأسمالها يتجاوز عشرة ترليونات دولار وتتحكم بالكثير من المشاريع الضخمة محلياً ودولياً يعمل بها أكثر من 16 مليون موظف.
- اللوبيات الصناعية والزراعية والمالية (البنوك وبورصات وول ستريت) الذي تعاني بشدة من القيود والقوانين الكثيرة التي تعرقل عملها ومشاريعها وتأمل من دونالد ترامب إعادة النظر بتلك السياسات التي تقيد نشاطاتها.
- لوبي العسكريين المتقاعدين Veterans الذين بحاجة رعاية وعلاج طبي واهتمام بعد تقديمهم خدمات وتضحيات كبيرة وهم يشعرون بأنهم مهمشون.
- لوبي الأجهزة الأمنية وخاصة دوائر الشرطة على مستوى الولايات.
- لوبي المؤسسة العسكرية وكبار الضباط الأمريكيين المستائين جداً من السياسات المتخاذلة لأوباما الضعيف الذي تجاهل التحرشات الإيرانية بالأسطول الأمريكي في الخليج العربي واعتقالهم لجنود من المارينز وإذلالهم وإهانتهم ونشر صورهم إعلامياً.
- لوبي الصناعات العسكرية وشركات تصنيع السلاح والعتاد العسكري الكبيرة في أميركا وخاصة الشركات الكبرى مثل لوكهيد مارتن ونورثروب غرومان وبوينغ وريثيون وجنرال ديناميكس التي أصبحت بحاجة ماسة وعاجلة لرئيس (حربي) للخروج من حالة الكساد التي عانت منها في السنوات الثمانية الماضية أثناء رئاسة أوباما وجعلتها على حافة الإفلاس.
- لوبي صناعة السلاح NRA الذي يريد التوسع في بيع وشراء الأسلحة الفردية للمواطنين الأمريكيين والمحافظة على التعديل الثاني من الدستور الأمريكي الذي يعطيهم الحق في شراء السلاح وحمله.

أميركا بحاجة لرئيس شخصيته قوية حاسم في قراراته أثناء الأزمات الخطيرة ولديه الجرأة بالمواجهة والشجاعة للتعامل مع دول تعتبر مارقة تقوم بتحدي الهيمنة الأمريكية وتهدد مصالح أميركا في الخارج، ولعل الإهانات التي تعرض لها أوباما في الصين والفلبين وفنزويلا وروسيا وإيران وكوريا الشمالية وغيرها تعطي إنطباع واضح عن عجز غير مقبول للعَظَمة الأمريكية وسمعتها وهيبتها في المحافل الدولية.

أخيراً، الرأي العام في أميركا لا يحتمل قبول تغييرات جذرية تاريخية غير مسبوقة ومتتابعة، مثل أول رئيس أسود من أصل إفريقي وأول رئيسة إمرأة!!

قد تفوز هيلاري كلينتون بفارق ضئيل (وأنا أستبعد جداً فوزها) لكنها ستكون ضعيفة للغاية وسوف تتعرض لهجوم سياسي شرس وعنيف جداً من عدة جهات في الكونغرس الذي يسيطر عليه الحزب الجمهوري وستواجه حملات إعلامية مسعورة ومتواصلة أثناء التحقيق في أرشيف إيميلاتها الهائل الذي تم إكتشافه والذي سيفتح تحقيقات جنائية كثيرة لن تتوقف، وستكشف مراسلاتها المسربة مفاجئات صاعقة عن تورطها مع جهات عربية وأجنبية بقضايا فساد كبيرة ومخالفات قانونية خطيرة. وهي على الأغلب سيتم خلعها من منصب الرئاسة قبل نهاية أول سنة لها بالبيت الأبيض هذا إن وصلت إليه أصلاً.

الكابوس المرعب لهيلاري كلينتون هو أنه في حالة فوز ترامب فهو قد يقوم بتعيين مدعي عام خاص للتحقيق بقضايا شبهات الفساد التي تورطت بها، وهو صرح بذلك سابقاً وهددها شخصياً بأنه سيرسلها للسجن في حالة انتخابه!!!! وإذا حصل ذلك فهي ستكون تحت ضغوط سياسية وقانونية هائلة وستضطر لفتح ملفات رهيبة ستطيح برؤوس كبيرة داخل وخارج أميركا.

وإذا وصل دونالد ترامب للبيت الأبيض فهذا سيعتبر فعلاً زلزال هائل ستمتد تداعياته من واشنطن لكافة أنحاء العالم وسيكون بداية عهده تغيير واسع وجذري بكل توجهات وقرارات الإدارة الأمريكية داخلياً وخارجياً في كافة المجالات السياسية والعسكرية والأمنية والإقتصادية وغيرها.

محمد السمان
واشنطن
2016-11-01


***

للتواصل يمكن المراسلة على‎ ‎

mjsamman@gmail.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

شكرا على ملاحظتك، سيتم مراجعة تعليقك ونشره إن كان مناسباً لموضوع المقال المنشور.